بيت الأشباح
وأنا طفلة لم أبلغ التاسعة من العمر بعد، كنت مع بقية أطفال الزقاق نخشى الاقتراب من بيت ذو جداران متهالكة، له باب ضخمة تميل إلى السواد، ندعوه " بيت الأشباح ".
فكل من سكنه حدثت له مصيبة ما...ما زلت أذكر " وداد ". تلك الطفلة الوديعة التي قاربتني سنا آن ذاك، كانت تعيش مع والديها وأشقائها الصغار في ذلك البيت الذي أودت الأشباح داخله بحياتها، عندما تعثرت قدميها أثناء نزولها السلالم الكبيرة، فأنزلق جسدها الضعيف وتدحرج على كل درجة على ذلك السلم المخيف...فبتنا نلعن ذلك البيت، وكيف قاد الكثير من الأبرياء إلى مصيرهم المحتوم.
وفي أحد الأيام، بينما كنت العب مع ابنة الجيران، سمعت صوت يدوي المكان...كانت سيارة حمل صغيرة ، محملة بشيء من الأثاث ، تقف أمام " بيت الأشباح " !
هرولت مسرعة إلى أمي لنقل الخبر ..عائلة جديد ستسكن في البيت المشئوم بعد مضى أكثر من عام على خلوه ! .
هل هم مجانين ! ..أم جهله ! ..كيف يسكنون في بيت تسكنه الأرواح الشريرة ! .
تناقل الخبر من دار إلى دار، وبعض النسوة يختلسنّ النظر عبر ثقب الباب إلى تلك العائلة الجديدة التي سينتهي مطافها إلى مأساة حزينة، يدخل تاريخها مع تاريخ مقبرة هذا البيت العتيق!
عجوز،رجل ناهز الثلاثين ،امرأة شابة و طفلان ..عائلة صغيرة لكن ستواجه فاجعة كبيرة، هذا تخمين كل من عاش في الزقاق، وشهد مختلف ماسي البيت.
أحدهم قال " كيف قبلوا استئجاره .. ألا يخشون مصيبة تحل عليهم ؟" .
أجابه الأخر " ربما إنهم لا يعلمون..أو أن ضيق الحال دفعهم إلى هذا المكان ...يا لهم من مساكين ...ربما سيفجعون بأحد أولادهم ...أو بتلك العجوز..إلى رحمة الله جميعا ".اخذ كل فرد في الزقاق يخمن مع نفسه متى ستفر تلك العائلة بعد حدوث مصيبة لها .
مضى أسبوع!..شهر!..عام !..ولا شيء!
لم نسمع صرخة تتردد صداها بين حجر المنزل الكبير..لا بل قام ساكنه بطلي الجدار وبابه ليكونا أبيض اللون ! ..و أدخل أثاث جديد وكأن عمله يزدهر مع الأيام ! ..سؤال ملئ عقول الجيران .هل هجرت الأشباح البيت ! ..أم أصبحوا أصدقاء لتلك العائلة ! .
وفي أحد الأيام، توددت إلى أبنهم الذي يصغرني عام، بنية كشف سر الحياة في ذلك البيت" هل تسمع أصوات مخيفة في الليل ؟"
- " نعم ..أسمع ..لكني لا أعيرها أي اهتمام "
- " ألا تخاف !"
- " لماذا !..إنها أصوات الرياح " ...طفل ساذج !
- " ألا ترى أشباح !" .صمت لبرهة قصيرة ثم أجاب
" بلى ...لقد رأيت شبح كبير يطير من حجرة إلى أخرى وله عينين سوداوين كبيرتين هكذا " ..كان يملى رئته بالهواء ليعطي المشهد تهويلا طفوليا وهو يشرع ذراعيه يفتحها بكل مسافة قدرت له .
أجتاح جسدي رهبه ملأت أوصالي ذعر، وما هي حتى رنة ضحكته بصوت ماكر مسمعي قائلا " ..هل صدقتي هذا!..إنها مجرد خيالات ..هذا ما يقوله أبي ".
- " أيها الكذاب ..لماذا أذن تخيفني ؟ " .
- " .لأنك تريدين أن تسمعي هذه القصة..فأسمعتك إياها "!
تمت
الروابط المفضلة