كيف تتجنب الفتاة الوقوع في شباك الصياد؟

قلنا إن هناك طرائق كثيرة جدا يستخدمها الشباب للإيقاع بالفتيات غير التي ذكرتها سابقا، ولو كانت الفتاة تحكم عقلها في مثل هذه العلاقات لما استطاع الشباب أن يوقعوا بها، ولكن لأن الفتاة لا تحكم عقلها في هذه المسائل نجد أنها تكون ضحية لهذه العلاقات. فليست المشكلة في أن الفتاة ” لا تفهم ” أو ” لا تعرف ” أو ” لا تدري “، كلا فهذا غير صحيح لأنها تعرف وتفهم أن الشاب المعاكس لا يريد منها إلا أن تعطيه نفسها ليتمتع بها فترة من الوقت ثم يتركها ليبحث عن غيرها، وهي تعرف أن الشاب الذي تتعامل معه وكأنه زوج المستقبل لن يتزوجها وهي مستعملة من قِبَلِه هو فكيف بغيره من الشباب؟! وتدري أن الطريق الذي تمشي فيه مآله إلى الفضيحة والحمل سفاحا والعنوسة إلى غير ذلك من العقوبات الدنيوية قبل ما ستجده في الآخرة.
وهي تسمع- مثلما نسمع- عن غيرها من الفتيات ممن كن ضحية تلك العلاقات المشبوهة.. فليست المشكلة في عدم الفهم أو الجهل، ولكن المشكلة في تحكيم العاطفة وإقصاء العقل في الحكم على هذه العلاقة مع المعاكسين.
والمشكلة الثانية التي أعتقد أنها تعقب “تحكيم العاطفة” أستطيع أن أسميها مشكلة: “حبيبي غير الباقين”.
على الفتاة أن تعلم أن النجاة من هذه الذئاب البشرية سهل جدًا على من أرادت النجاة وسلكت سبيلها، وأن النجاة صعبة جدًا على من لم تسلك سبيل النجاة وأوقعت نفسها بنفسها في طريق الغواية.
وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة لهذا الموضوع، حيث يروي لنا النعمان بن بشير رضي الله عنه هذا الحديث:
“سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه. ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ” رواه مسلم..

فالفتاة التي ترتع حول الحمى توشك أن تقع في الحرام والعياذ بالله لأنها لم تفهم طريقة الإسلام في التعامل مع المنكرات.
إن الله إذا حرّم شيئًا حرّم ما قد يوقعنا فيه، فما أدى للحرام فهو حرام، كما أن ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب. وأكثر الناس يستصعب فعل المعصية نفسها من أول مرة ولكنه يستسهل فعل مقدماتها، ثم يجد نفسه وقد استحل فعلها بعد فترة من الوقت.
فأي فتاة تعيش في مجتمعنا المحافظ سترى أن الزنا صعب جدًا، وأن فيه فضيحة لها ولأهلها إذا انكشف أمرها.. ولكن النظر إلى ما حرمه الله كالصور والأفلام، وسماع الأغاني الماجنة، ومصاحبة صديقات السوء، والمكالمات المحرمة مع الشباب، وغشيان الأسواق وتجمعات الشباب بدون حاجة- وأسوأ منه أن يكون بغرض فتنة الشباب-، وعدم الالتزام بالحجاب الشرعي… وغير هذا من المقدمات قد تفعله الكثيرات دون أن تحس إحداهن أنها تسير في طريق آخرها معصية عظيمة لله عز وجل.
يجب أن تعلم الفتاة أن شرفها هو شرف عائلتها، وأنها عندما تستهين به حتى يضيع منها بسبب شابٍ لاهٍ عابثٍ يدنّس شرفها في لذة ربع ساعة أو نصف ساعة ثم يرميها ليبحث عن غيرها.. أنها بهذا قد جنت جناية عظيمة على نفسها وعلى أبويها وإخوانها.
مَنْ مِنَ الرجال يقبل أن يتزوج بفتاة لم تحافظ على بكارتها؟! ومَنْ مِنَ الرجال سيقترن بامرأة تمرغت في أوحال المعصية؟؟ وهل تراه يغفر لها إن علم أنها قد عاشرت قبله عدداً من الرجال أو حتى رجلا واحدا؟!
أي فضيحة وعار ستكون هذه الفتاة سببا فيه عندما يقال (هذا أخ تلك الزانية.. هذا والد تلك التي قبض عليها وهي مع شاب غريب.. هذا بيت فلانة التي أرسل الشاب المعاكس شريطًا صوتيًا لأبيها فيه مكالمة طويلة معه لأنها لم ترض أن تخرج معه)..
على الفتاة أن تعرف أن الهاتف أو أي وسيلة اتصال أخرى بالشباب(1) لا تبين حقيقة معدن الشاب أبدًا، فالشاب المعاكس سيبين لها أفضل وأجمل ما عنده، وربما يتكلف في الكلام معها لأنه صاحب حاجة، وسينتظرها حتى تقع في حبه ومن ثم يتصرف بها كما يشاء.. فعلى الفتاة ألا تكون صيدًا سهلاً.
وعلى الفتاة أن تعلم أن الذي يريد الاقتران بها لن يدخل بيتها من النافذة فإن هذه الطريقة الملتوية هي طريقة اللصوص، أما الذي يريد الزواج والاقتران بها بالحلال فإنه يطرق الباب ويتقدم هو وأهله لخطبتها من أبيها.. فهلا أدركت هذا يا فتاة؟
إن كنت على علاقة مع أحد الشباب وقد وعدك بالزواج فقولي له: تعال إلى بيتي وتزوجني بالحلال, فإن رفض وتحجج بأي حجة فقولي له- وقولي لنفسك-: لماذا إذن هذه العلاقة؟ ولماذا أتكلم معك وتتكلم معي كلام الأزواج؟ ولماذا أربط نفسي بك وأنت لا تستطيع أن تتزوجني؟ هل تراك تريد أن نبقى حبيبين فقط؟ وماذا عن الأولاد الذين أريد أن أحصل عليهم؟ وماذا عن الوعود التي تحدثني عنها ليلاً ونهارًا ومتى ستتحقق؟ وهل أنا لك كالجارية التي تستخدمها لفترة من الوقت ثم تبيعها لغيرك؟؟
عندما تصر الفتاة على الشاب وتكلمه بهذه الطريقة فهو غالبًا سيتأفف منها ويتهمها أنها أصبحت لا تحبه وأنها لم تعد تلك الفتاة التي تعرف عليها في بداية علاقتهما، وأنها أصبحت تشك في حبها له، وهو في الحقيقة لا يريد أن يتزوجها لأنه من المفترض أن يفرح بعرضها له إن كان فعلاً يحبها، فمن المعروف لدى أي عاقل أن المحبين ليس لهما إلا الوصال أو القطيعة.. إما الزواج وإما الهجر..
أما من يقول: نبقى حبيبًا وحبيبة، فهذا كلام لا أصل له ولا يمكن أن يقع إلا نادرًا، وما خلا شاب وشابة إلا والشيطان ثالثهما، واليوم كلمة وغدًا مثلها وبعدها ستزيد هذه العلاقة وتتوثق و نجد أننا سنعود لما ذكرناه سابقًا: إما الوصال بالحلال أو الحرام وإما الابتعاد عن المحبوب.
أختي الكريمة: إن كان الحل هو الوصال بالحلال أو القطيعة فهذا خير، أما إن كان الحل هو الوصال بالحرام أو القطيعة بعد ذهاب عفتك وشرفك فأنتِ الخاسرة في الدنيا قبل الآخرة.
إن دون عرضك أبوابا موصدة، فلا تفتحي الباب لأي شخص غير زوجك، ولا تسلمي المفتاح إلا لمن يُقَدِّر ثمن عرضك وشرفك، وأتعجب- ويحق لي ذلك- من صاحب بيت يعطي اللص مفتاح بيته ومفتاح خزانة أمواله ويقول له افعل فيهما ما تشاء..!!
اعلمي أن الله فضل الرجل على المرأة وجعل القوامة له في البيت بسبب اختلاف تفكيره عن تفكيرها، فالرجل يفكر بعقله أكثر من المرأة ويحكم عقله في أموره أكثر مما تفعل.. ليس الكلام هنا عن أن الرجل أذكى من المرأة لأن الذكاء أمر نسبي وهو موزع بين الرجال والنساء، إنما كلامي هو عن طريقة التعامل مع الأمور التي تقابل كلا من الرجل والمرأة في الحياة.
وكل ما أطلبه منكِ أن تحكمي عقلكِ في هذه العلاقة التي تكون بين الفتاة وبين شاب غريب عنها، وأن تفكري بنهايتها، والهدف منها، وعن احتمال الفضيحة في الدنيا قبل الآخرة.. فإن فعلتِ هذا فسترين أن هذا الطريق لا خير فيه لا في دنيا ولا دين.
واحذري أن تكوني ممن إذا قيل لها أن المعاكس يريد فقط أن يحصل على شرفك ثم يتركك، وأنه لو كان يريد بك خيرًا لتزوجك ولم يقبل أن تكوني بهذا الوضع الذي لا يقبله هو لأخته أو ابنته.. إن قلنا لها هذا قالت: حبيبي غير الباقين، وهو صادق في كلامه ولا يمكن أن يكذب علي ويتركني وهو متعلق بي وأنا أثق به.
وأنا أقول: هل تتوقعين يا أختي الفاضلة أن المعاكس سيخبرك أنه سيخدعكِ؟ هل تتوقعين منه أن يقول لكِ أنني لا أريد منكِ إلا شرفكِ ثم سأترككِ لأذهب إلى غيركِ؟ وهل تتوقعين أن من وقعت من الفتيات ضحية هذه العلاقات المحرمة، فحملت سفاحًا، أو اكتشفها أهلها، أو غير ذلك من العقوبات الدنيوية التي ألمت بها… هل تتوقعين أن من كانت تظنه يحبها قد قال لها إنه لا يريد منها إلا الزنا بها فقط؟ ألا تتوقعين أنه كان يقول لها أنه يحبها وإنه متعلق بها وإنه ينتظر اللحظة التي يتزوجان فيها ويجمعها به بيت واحد؟
ضعي نفسكِ مكانها وفكري بهذا السؤال: هل أعطت هذه الفتاة ذلك المعاكس نفسها ليتمتع بها وهي تشك بحبه لها؟ ألا تظنين أنه كان يخبرها أنه يحبها وأنه سيتزوجها؟ أم أنه كان يصرح لها بأنه سيخدعها؟ احذري أشد الحذر من هذه الخدعة للنفس، وحبيبك لن يكون أفضل حالاً من غيره من المعاكسين.
ثم اعلمي أن الدنيا دار ممر, ونحن الآن نسير في هذا الممر, وبعضنا سيبقى فيه لستين سنة وبعضنا سبعين وبعضنا أقل أو أكثر. قبل الدخول كنا لا شيء, وبعد الخروج سنكون لا شيء, وفي الممر يراقبنا الله ويطلع على سرنا وجهرنا, وملكان عن اليمين والشمال يرصدان الأقوال و الأفعال والحركات والسكنات، فأين المفر؟

أختي الكريمة: لو كنتِ على موعد مع شاب وجاءك ملك الموت وعلمتِ أنه سيقبض روحك بعد هذا اللقاء، أفتحبين أن تلقي ربك وقد سُجِّل عليك هذا اللقاء؟
تخيلي أنكِ في عرصات يوم القيامة وكتابك لا تدرين أتأخذينه بشمالك أو بيمينك، أتحبين أن تكون هذه المعصية قد قُيِّدت عليكِ في صحيفة أعمالك؟!
تخيلي أنكِ أمام الله عز وجل وهو يسألك عن شبابك فيم قضيتيه وعن ساعاته فيم ذهبت، أفتحبين أن يذكرك الله بالساعات الغرامية التي تقضينها مع المعاكسين؟ أو تحبين أن يذكرك الله بجريمة الزنا التي ارتكبتها في الدنيا؟
تخيلي أنكِ تعبرين الصراط, والنار من تحتك والجنة أمامك, والكلاليب تندفع من أسفل منكِ لِتُمْسك بغيرك وتقذفهم في جهنم، أتراك تحبين أن يكون هذا العمل في صحائف أعمالك؟ أو ترجين أن تكون هذه العلاقة سببًا في بلوغك الجنة أم النار؟
وبعد أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، تكون هناك وخطبة ربانية خطبة إبليسية. ففي مسند الإمام أحمد أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول: يقول الله جل وعلا يوم القيامة لأهل الجنة هل تريدون شيئا أزيدكم؟ قالوا يا ربنا ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تثقل موازيننا؟ ألم تدخلنا الجنة؟ ألم تنجنا من النار؟ فيقول سبحانه إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، فيكشف لهم الحجاب عن وجهه الكريم فيرونه سبحانه وتعالى رؤية حقيقية فلا يكون لهم نعيم في الجنة أعظم من لذة النظر لوجه الله عز وجل (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة: 22/23).. أما أهل النار فيقوم الشيطان بينهم خطيبًا ويقول: (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوتُكُمْ فَاْسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِّيَ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا اَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (إبراهيم/22)
فهل المعصية ستكون سبباً لرؤية الله أم لسماع كلام الشيطان؟
وتذكري هذه الآيات:

(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) (46/الرحمن)
(فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَن الهَوَى * فَإِنَّ الجَنَّةّ هِي المّأْوَى) (37/النازعات)
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا * وَنَحْشُرُه يوم القيامة أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىً وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتَكَ آيَاتِنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَومَ تُنْسَى) (124/طه)
وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ائذن لي بالزنا! فقال أترضاه لأمك؟ قال: لا ، قال: أترضاه لأختك؟ قال: لا، فقال: فالناس لا يرضونه لأهلهم؟

فلو كنت أمًا فهل سترضين أن تجعلي أزهارك لقمة سائغة لوحوش الغابة؟


تأليف أ/ أحمد بن محمد الهرفي
جامعة الإمام محمد بن سعود

———————————————-
(1) كالماسنجر في الإنترنت

قد يعجبك أيضاً ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *