شهر ذي الحجة

المشاركات
19
الإعجابات
10
#1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من محاسن هذا الدين أنه لم يدع خَلَّةً من خِلال الخير والبرِّ إلا رغَّب بها وحضَّ عليها، ثم يسَّر سبيلها، وبشَّر بجميل عاقبتها، وكريم مثوبتها، كما لم يدَعْ خَصلةً من خِصال الشرِّ والإثم إلا نفَّر منها وكرَّه النفوس إليها، ثم عسَّر في سبيلها وتوعَّد عليها
ولما كانت شُعُب البرِّ، وهي أكثر من أن تُحصى، أجلَّ من أن ينهض بها أحدٌ من الناس بالغًا من الفضل ما بلغ، أعدَّ الله لعباده مواسم كريمة، وأتاح فرصًا مُبارَكة، في أزمنة محدَّدة، وأيام معدودة، ضاعَف لهم فيها الحسنات أضعافًا كثيرة؛ ليُسارِعوا فيها إلى الخيرات، وقال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68].

ومن هذا الاختيار تفضيل بعض الشهور والأيام عن غيرها وقد حثنا نبينا الكريم على اغتنامها فالسعيدُ مَنِ اغتنمها، والشَّقيُّ مَنْ فَرَّط بها وحُرِمَها
وقد أحدث الناس بدعًا في الشهور والأيام لم ينزل الله بها من سلطان

ومنها ما في شهر ذي الحجة، فتعالوا بنا نتعرف على هذه البدع حتى نَحْذرها ونُحذر غيرنا منها


من خلال هذه المحاور الثلاث:-

المبحث الأول: بعض الآثار الواردة فيه.
المبحث الثاني: بدعة التعريف.
المبحث الثالث: بدعة عيد غدير خم.




شهر ذي الحجة من الأشهر الأربعة الحرم، وهو آخر شهور السنة الهجرية، وآخر شهور الحج الثَّلاثة؛ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]،
ولقد ميز الله سبحانه وتعالى شهر ذي الحجة عن غيره من الشهور بعبادات عظيمة و رتب عليها أجورا كبيرة ، خاصة العشر الأول منه، وهذا فضلا منه سبحانه ورحمة.
قال الله - تعالى -: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1 - 2]؛ قال ابن كثير - رحمه الله -: "المراد بها عشر ذي الحجة".

لكن بعض الناس ! لم يكتفوا بما شُرع لهم فيه من العبادات! ولم يسعهم فيه ما كان يسَع من كان قبلهم من صدر هذه الأمة الصالح من الصحابة و التابعين من القربات إلى رب البريات ، فاخترعوا فيه مالم يكن من عبادات و خصصوه بما لم يثبت له من فضائل وكرامات ،متبعين في ذلك أهوائهم و ما زين لهم الشيطان من محدثات.



المبحث الأول: بعض الآثار الواردة فيه.


عن أبي بكرة - رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، والسنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم: ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان....)) الحديث. متفق عليه (1) .

عن أبي بكرة -رضي الله-عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((شهران لا ينقصان، شهرا عيد: رمضان وذو الحجة)) متفق عليه (2) .

عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ((أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابهم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لا تخذنا ذلك اليوم عيداً. قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} (3) .

قال عمر -رضي الله عنه- قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة، يوم جمعة)) متفق عليه (4) .

عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) ، فقالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ . فقال رسول صلى الله عليه وسلم: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء)) (5)


(1) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (10/7) كتاب الأضاحي، حديث رقم (5550) ، ورواه مسلم في صحيحه (3/1305) كتاب القسامة، حديث رقم (1679) .
(2) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (4/124) كتاب الصيام، حديث رقم (1912) . ورواه مسلم في صحيحه (2/766) كتاب الصيام، حديث رقم (1089) .
(3) -سورة المائدة، الآية: 3.
(4) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (1/ 105) كتاب الإيمان، حديث رقم (45) . ورواه مسلم في صحيحه (4/ 2312، 2313) كتاب التفسير، حديث رقم (3017) (5)
(5) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (2/ 457) كتاب العيدين، حديث رقم (969) ، بلفظ آخر. ورواه أحمد في مسنده (2/161، 162) . ورواه داود في سننه (2/815) كتاب الصيام، حديث رقم (2438) . ورواه الترمذي في سننه (2/ 129) أبواب الصوم، حديث رقم (754) ، وقال: حديث ابن عباس حديث حسن غريب صحيح. ورواه الدارمي في سننه (2/25 كتاب الصيام، باب في فضل العمل في العشر. ورواه ابن خزيمة في صحيحه (4/273) ، حديث رقم (2865) .


يتبع
 
المشاركات
19
الإعجابات
10
#2

المبحث الثاني: بدعة التعريف.

المبحث الثاني[بدعة التعريف]المراد بالتعريف:هو اجتماع غير الحاج في المساجد عشية يوم عرفة، في غير عرفة، يفعلون ما يفعله الحاج يوم عرفة من الدعاء والثناء (1) .وأول من جمع الناس يوم عرفة في المساجد هو ابن عباس - رضي الله عنهما -، وذلك في مسجد البصرة (2) .وقيل إن أول من عرف بالكوفة (3) مصعب بن الزبير (4) .قال ابن كثير - رحمه الله - في ترجمة ابن عباس - رضي الله عنهما -: (وهو أول من عرف بالناس في البصرة، فكان يصعد المنبر ليلة عرفة ويجتمع أهل البصرة حوله، فيفسر شيئاً من القرآن، ويذكر الناس، من بعد العصر إلى الغروب، ثم ينزل فيصلي بهم المغرب) ا. هـ (1) .


(1) - يُراجع: الباعث لأبي شامة ص (29) .
(2) - البصرة: مدينة معروفة في العراق. وكان تمصيرها في سنة 14هـ في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ومعنى البصرة في الكلام العرب: الأرض الغليظة، وقيل: البصرة: حجارة رخوة فيها بياض. يُراجع: معجم البلدان (1/430- 441) .
(3) - الكوفة: المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق، ويسميها قوم خد العذراء. وسُميت بالكوفة لاستدارتها، وقيل لاجتماع الناس بها، وكان تمصيرها في أيام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سنة 17هـ. يُراجع: معجم البلدان (490، 494) .
(4) - يراجع: السنن الكبرى للبيهقي (5/118) كتاب الحج. ويُراجع: الباعث ص (31) ، وسير أعلام النبلاء (3/351) ، ترجمة عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما-.

**********
[حكم التعريف]اختلف العلماء في حكم التعرف في المساجد يوم عرفة:
1- قال ابن وهب: (سألت مالكاً عن الجلوس يوم عرفة، يجلس أهل البلد في مسجدهم، ويدعو الإمام رجالاً يدعون الله تعالى للناس إلى الشمس فقال: ما نعرف هذا، وإن الناس عندنا اليوم ليفعلونه) ا. هـ (2) .
قال ابن وهب - أيضاً -: (وسمعت مالكاً يسأل عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر، واجتماعهم للدعاء، فقال: ليس هذا من أمر الناس، وإنَّما مفاتيح هذه الأشياء من البدع) ا. هـ (3) .
وقال مالك - أيضاً -: (وأكره أن يجلس أهل الآفاق يوم عرفة في المساجد للدعاء، ومن اجتمع إليه الناس للدعاء فلينصرف، ومقامه في منزل أحب إليَّ، فإذا حضرت الصلاة رجع فصلى في المسجد) ا. هـ (4) .


وروى ابن وضاح عن أبي حفص المدني قال: اجتمع الناس يوم عرفة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، يدعون بعد العصر، فخرج نافع مولى ابن عمر من دار آل عمر، فقال: أيها الناس إن الذي إن الذي أنتم عليه بدعة، وليست بسنة، إنا أدركنا الناس ولا يصنعون مثل هذا، ثم رجع فلم يجلس، ثم خرج الثانية ففعل مثلها ثم رجع) ا. هـ (1) .

(1) - يراجع: البدع لابن وضاح ص (46) .

**
إنَّ شد الرحال إلى مكان للتعريف فيه، مثل الحج، بخلاف المصر.ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تُشدًّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا)) (3) . هذا مما لا أعلم فيه خلافاً.
(1) - أي: لم يختلف في النهي عنها. والله أعلم.
(2) - أي: مسجد المدينة التي يسكنها الإنسان. يراجع: لسان العرب (5/176) مادة (مصر) .
(3) - رواه البخارى في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (3/63) كتاب التهجد، حديث رقم (1189) ، ولفظه: ((لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى)) . ورواه مسلم في صحيحه (2/1014) كتاب الحج، حديث رقم (1397) .


فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السفر إلى غير المساجد الثلاثة، ومعلوم أن إتيان الرجل مسجد مصره إما واجب كالجمعة، وإما مستحب كالاعتكاف فيه.وأيضاً، فإن التعريف عند القبر اتخاذ له عيداً، وهذا بنفسه محرم، سواء كان فيه شد للرحل أو لم يكن، وسواء كان في يوم عرفة أو في غيره، وهو من الأعياد المكانية مع الزمانية) ا. هـ (1) .
فمما تقدَّم يتضح لي - والله أعلم - أن التعريف نوعان:الأول: اتفق العلماء على كراهته، وكونه بدعة وأمراً باطلاً، وهو الاجتماع في يوم عرفة عند القبور، أو تخصيص بقعة بعينها للتعريف فيها كالمسجد الأقصى، وتشبيه هذه الأماكن بعرفات؛ لأنَّ ذلك يعتبر حجاً مبتدعاً، ومضاهاة للحج الذي شرعه الله، واتخاذاً للقبور أعياداً، حتى وصل بهم الأمر إلى أن زعموا أن من وقف ببيت المقدس أربع وقفات فإنها تعدل حجة ثم يجعلون ذلك ذريعة إلى إسقاط الحج إلى بيت الله الحرام، كما ذكر ذلك الطرطوشي في كتابه ((الحوادث والبدع)) (2) .
وهذا هو النوع الذي قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (لا أعلم بين المسلمين خلافاً في النهي عنه) ا. هـ (3) .الثاني: ما اختلف العلماء فيه، وهو قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر. فقال بعضهم: محدث وبدعة. وقال بعضهم: لا بأس به.والذي يترجح عندي - والله أعلم - أن قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر: بدعة
(1) - يراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (2/637- 640) .
(2) - يُراجع: الحوادث والبدع ص (117) .
(3) - يُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (2/637) .
 
المشاركات
19
الإعجابات
10
#3


المبحث الثالث: بدعة عيد غدير خم.


وعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح (1) لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي -رضي الله عنه- فقال: ((ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟)) . قالوا: بلى. قال: ((ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟)) . قالوا: بلى. قال: فأخذ بيد علي فقال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)) . قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب! أصبحت وأمسيت ولي كل مؤمن ومؤمنة)) (2) .

وروى الحاكم في المستدرك عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهينا إلى غدير خم، فأمر بروح (3) فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حراً منه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: ((يا أيها الناس! إنه لم يبعث نبي قط إلا ما عاش نصف ما عاش الذي كان قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده: كتاب الله عز وجل)) . ثم قام فأخذ بيد علي رضي الله عنه-فقال: ((يا أيها الناس! من أولى بكم من أنفسكم؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) (4) .

المطلب الثاني: أول من أحدث هذه البدعة.

أول من أحدث بدعة عيد غدير خم
هو معز الدولة بن بويه، وذلك في سنة 352هـ ببغداد (2) .
قال ابن كثير في حوادث سنة 352هـ: (وفي عشر ذي الحجة منها أمر معز


(1) - الكسح: الكنس، وكسح البيت: كنسه. يُراجع: لسان العرب (2/571) مادة (كسح) .
(2) - رواه أحمد في مسنده (4/281) . ورواه الترمذي مختصراً في سننه (5/297) أبواب المناقب، حديث رقم (3797) ، وقال: حديث حسن غريب. ورواه ابن ماجه في سننه (1/43) المقدمة، حديث رقم (116) . قال البوصيري في زوائد ابن ماجه (1/19، 20) : (هذا إسناد ضعيف، لضعف على بن زيد بن جدعان، رواه الإمام أحمد في مسنده أيضاً من حديث) . ا. هـ.
(3) - الروح: برد نسيم الريح، والمراد - والله أعلم -: مكان بارد مريح. يُراجع: لسان العرب (2/457) مادة (روح)

(4) - رواه الحاكم في المستدرك (3/533) كتاب معرفة الصحابة، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في تلخيصه.
ورواه الإمام أحمد بطرق كثيرة، منها طرق لا تخلو من ضعف، ومنها طرق بعض رواتها منهم من رُمِي بالتشيع، ومنهم من وصف بالغلو في التشيع. فلتراجع الطرق في: (1/48، 118، 119، 152، 330، 4/368، 370، 372. 5/347، 350، 358، 361، 366، 370، 419) . ويراجع البداية والنهاية (5/234، 240، 7/379- 383) . ومما يدلُّ على كثرة ما رُوي فيه قول ابن كثير في ترجمة ابن جرير الطبري: (وقد رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين) . يُراجع: البداية والنهاية (11/165) ، وكذلك (5/233، 234) .


(2) - هي عاصمة العراق قديماً وحديثاً. وتقع على نهر دجلة. أول من جعلها مدينة الخليفة المنصور العباسي سنة 149هـ وأنفق عليها ثمانية عشر ألف ألف دينا، فبناها مدورة وسورها وجعل داره وجامعها في وسطها، وجعل لها أربعة أبواب. وقد صنَّف في بغداد وسعتها وعظمها وسعة بقعتها وما ورد فيها وما حدث بها الخطيب أبو بكر البغدادي في كتابه تاريخ بغداد (أربعة عشر مجلداً) ما فيه الكفاية. يُراجع: معجم البلدان (1/456- 467) ، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي.


وأول ما أُقيم الاحتفال بهذا العيد المبتدع في مصر في الثامن عشر من ذي الحجة سنة 362هـ)


(1)المطلب الثالث: حكم هذا العيد.لا شك في أن جعل الثامن عشر من ذي الحجة عيداً وموسماً من المواسم التي يحتفل الناس بها، ويفرحون بقدومها، ويخصُّونها بشيء من القرب كالإعتاق والذبح ونحو ذلك: بدعة باطلة، وأساسها الذي اعتمدت عليه أمرٌ باطل لا شك في بطلانه، وهو زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة عشرة للهجرة، وهو قافلٌ -عليه الصلاة والسلام- من حجة الوداع، أوصى بالخلافة لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بمكان يسمى غدير خم.وهذا يدلُّ دلالة واضحة على أن المبتدعين لهذا العيد، والمعظمين له هم الشيعة، فهم يفضلونه على عيدي الفطر والأضحى، ويسمونه بالعيد الأكبر (2) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، في كلامه عن أنواع الأعياد الزمانية المبتدعة، والتي قد يدخل فيها بعض بدع أعياد المكان والأفعال:(النوع الثاني: ما جرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره، من غير أن يوجب ذلك جعله موسماً، ولا كان السلف يعظمونه، كثامن عشر ذي الحجة، الذي خطب النبي صلى الله عليه وسلم فيه بغدير خم مرجعه من حجة الوداع، فإنه صلى الله عليه وسلم خطب فيه خطبة وصَّى فيها باتباع كتاب الله، ووصَّى فيها بأهل بيته، كما روى ذلك مسلم في صحيحة (3)

(1) - يُراجع: الخطط والآثار للمقريزي (1/489) . وقد أطال المؤلف في وصف الاحتفال بهذا العيد، وما يقع فيه من لبس الجديد من الثياب، وإعتاق الرقاب، والإكثار من الذبح، وقراءة نص الخلافة المزعوم من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمير المؤمنين على بن طالب - رضي الله عليه - قبل الزوال ... إلى غير ذلك.
(2) - يُراجع: مختصر التحفة الاثني عشرية للألوسي ص (208) .
(3) - رواه مسلم في صحيحه (4/1873) كتاب فضائل الصحابة، حديث رقم (2408) . وتقدم تخريجه أيضاً في ص (376- 377) .


وغدير خم هو موضع ماء بين مكة و المدينة
وهذا العيد المحدث يكون في الثامن عشر من ذي الحجة،حيث يجتمع بعض الجهلة من الناس خاصة من الشيعة لإحياء ذكراه، ويزعمون زورًا وبهتانًا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عهد في ذلك اليوم و في ذلك الموضع لعلي -رضي الله عنه- بالخلافة، فمن حج منهم اجتمع في ذلك المكان ومن لم يحج احتفل في مكانه

وقال المقريزي (845هـ) –رحمه الله-:"اعلم أن عيد الغدير لم يكن عيدًا مشروعًا، ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم ، وأول ما عُرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة علي بن بويه، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة فاتخذه الشيعة من حينئذٍ عيداً". الخطط المقريزية (2/255)

(3) التكبير الجماعي في عيد الاضحى

وقد سئل الشيخ ابن باز –رحمه الله- ، فقيل له : ما حكم التكبير الجماعي في العيدين بعد الصلوات علما بأنه يذكر الناس بهذه الشعيرة المباركة؟.
فأجاب –رحمه الله- :"يكبرون، كل يكبر في صفه، وفي الطريق، لكن ليس على صفة جماعية؛ لأن هذا بدعة لا أصل له، وإلا الكل يكبر، هذا يكبر وهذا يكبر، وبهذا يتذكر الناس ويستجيب الناس، أما كونه بلسان واحد من جماعة هذا لا أصل له، وهو التكبير الجماعي أو التلبية الجماعية، لا يشرع هذا، لكن الكل يلبي، أما أن يكبر من تحرى أن يبدأ الصوت صوت أخيه وينتهي مع صوت أخيه هذا لا أصل له، ولا نعلمه عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، ومن فعل هذا يخشى عليه من الإثم؛ لأنه بدعة".فتاوى نور على الدرب ( 13/370)


المصدر: بتصرف من -كتاب البدع الحولية-
د/ عبد العزيز التويجري

دمتم في آمان الله وحفظه
 
أعلى