- المشاركات
- 19
- الإعجابات
- 10
امتثال الصحابة رضي الله عنهم
لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعدُ:
فمن مُقتضيات الإيمان محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقديم مَحبَّته على كلِّ أحدٍ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه مِن والده، وولده، والناس أجمعين))؛ [متفق عليه].
ومِن لوازم محبَّته صلى الله عليه وسلم طاعته فيما أمَر، واجتناب ما نهى عنه، ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله عز وجل؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء: 80].
ومَن عصاه فقد عصى الله جل جلاله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أطاعَني فقد أطاع الله، ومَن عصاني فقد عصى الله))؛ [متفق عليه].
وطاعته تكون بامتثال أمره، واجتناب نَهْيه، والصحابة رضي الله عنهم لهم مواقفُ كثيرة يصعُب حصرُها، تدل على فضيلتهم بامتثالهم لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن أمثلة تلك المواقف:
فعل ما أمَر به الرسول عليه الصلاة والسلام ولو خالف أهواءهم:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال: رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده، وولده، والناس أجمعين))؛ [متفق عليه]؛ قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: النفس داخلة في قوله: (والناس أجمعين)، فيجب على الإنسان أن يقدِّم محبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على محبة نفسه.
ومن العلامة الفاصلة أن الإنسان المحب للنبي عليه الصلاة والسلام، يجب عليه تقديم محبته على محبة نفسه، وذلك بطاعته فما أمَر، واجتناب ما نهى، ولو خالَف ذلك هوى نفسه ورغبته، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يقدِّمون محبةَ الرسول صلى الله عليه وسلم على محبة ما تهواه أنفسُهم، ولهم مواقف في ذلك؛ منها:
تقديم أبي هريرة رضي الله عنه طاعةَ رسول الله عليه الصلاة والسلام على حظ نفسه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ولله الذي لا إله إلا هو، إن كنتُ لأعتمدُ بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنتُ لأَشدُّ الحجرَ على بطني من الجوع، وقد رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرَف ما به من الجوع، وطلَب أن يَلحَقَ به، فوجَد في بيته لبنًا في قدح أُهدِي إليه، فقال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: ((الْحِقْ أهل الصُّفة، فادْعُهم لي))؛ يقول أبو هريرة: فساءني ذلك وقلتُ: وما هذا اللبن في أهل الصُّفة؟ كنتُ أحقُّ أن أُصيبَ من هذا اللبن شربةً أتقوَّى بها ... ولم يكنْ من طاعة الله ورسوله بُدٌّ؛ [أخرجه البخاري].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي الحديث من الفوائد: فضل أبي هريرة ... وتقديمه طاعةَ النبي صلى الله عليه وسلم على حظ نفسه مع شدة احتياجه.
زواج فاطمة بنت قيس من أسامة بن زيد رضي الله عنهما مع كراهتها لذلك:
عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن زوجها طلَّقها ثلاثًا، فلم يجعل لها رسول الله عليه الصلاة والسلام سُكنى ولا نَفقة، قالت: قال لي رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((إذا حلَلتِ فآذِنيني)) فآذنتْه، فخطَبها معاوية، وأبو جهم، وأسامة بن زيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما معاوية فرجل تَرِبٌ، وأما أبو جهم فرجلٌ ضرَّاب للنساء، ولكن أسامة بن زيد))، فقالت بيدها هكذا: أسامةُ أسامة، فقال لها رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((طاعة الله وطاعة رسوله خيرٌ لك))، قالتْ: فتزوَّجتُهُ، فاغتَطَبْتُ به؛ [أخرجه مسلم].
قال الإمام النووي رحمه الله: وأما إشارته صلى الله عليه وسلم بنكاح أسامة، فلمَّا علِمه من دينه وفضله، وحُسن طرائقه وكرم شمائله، فنصَحها بذلك فكرِهته لكونه مولًى، ولكونه كان أسودَ جدًّا، فكرَّر عليها النبي صلى الله عليه وسلم الحثَّ على زواجه لِما عَلِمَ من مصلحتها في ذلك، وكان كذلك، ولهذا قالت: فجعل الله لي فيه خيرًا، واغْتَطبَتْ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرواية التي بعدها: ((هذا طاعة الله وطاعة رسوله خيرٌ لك))، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: كأنها رَضِيَ الله عنها تُقلِّل من شأنه بيدها، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أحالها على شيء لا بُدَّ للمؤمنين منه، وهو طاعة الله ورسوله، فطاعة الله ورسوله كلها خير، والعاقبة لمن أطاع الله ورسوله، حتى وإن توهَّم في أول الأمر أنه لا يستفيد ... فهذا أسامة بن زيد كرِهته فاطمة بنت قيس رضي الله عنهما، وفي النهاية تقول: إنها اغتطبتْ به، وجعل الله بينهما مودة ورحمة، فإياك أن تخالفَ أمر الله ورسوله، أطِع الله ورسوله، فإن الخير في طاعة الله ورسوله، والعاقبة للمتقين، قد لا يخطر ببالك أن هذا الشيء تكون عاقبته هذه العاقبة الحميدة، ولكن إذا كان مبنيًّا على طاعة الله ورسوله، فهو الخير، وهو العاقبة الحميدة.
لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعدُ:
فمن مُقتضيات الإيمان محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقديم مَحبَّته على كلِّ أحدٍ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه مِن والده، وولده، والناس أجمعين))؛ [متفق عليه].
ومِن لوازم محبَّته صلى الله عليه وسلم طاعته فيما أمَر، واجتناب ما نهى عنه، ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله عز وجل؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء: 80].
ومَن عصاه فقد عصى الله جل جلاله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أطاعَني فقد أطاع الله، ومَن عصاني فقد عصى الله))؛ [متفق عليه].
وطاعته تكون بامتثال أمره، واجتناب نَهْيه، والصحابة رضي الله عنهم لهم مواقفُ كثيرة يصعُب حصرُها، تدل على فضيلتهم بامتثالهم لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن أمثلة تلك المواقف:
فعل ما أمَر به الرسول عليه الصلاة والسلام ولو خالف أهواءهم:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال: رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده، وولده، والناس أجمعين))؛ [متفق عليه]؛ قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: النفس داخلة في قوله: (والناس أجمعين)، فيجب على الإنسان أن يقدِّم محبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على محبة نفسه.
ومن العلامة الفاصلة أن الإنسان المحب للنبي عليه الصلاة والسلام، يجب عليه تقديم محبته على محبة نفسه، وذلك بطاعته فما أمَر، واجتناب ما نهى، ولو خالَف ذلك هوى نفسه ورغبته، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يقدِّمون محبةَ الرسول صلى الله عليه وسلم على محبة ما تهواه أنفسُهم، ولهم مواقف في ذلك؛ منها:
تقديم أبي هريرة رضي الله عنه طاعةَ رسول الله عليه الصلاة والسلام على حظ نفسه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ولله الذي لا إله إلا هو، إن كنتُ لأعتمدُ بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنتُ لأَشدُّ الحجرَ على بطني من الجوع، وقد رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرَف ما به من الجوع، وطلَب أن يَلحَقَ به، فوجَد في بيته لبنًا في قدح أُهدِي إليه، فقال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: ((الْحِقْ أهل الصُّفة، فادْعُهم لي))؛ يقول أبو هريرة: فساءني ذلك وقلتُ: وما هذا اللبن في أهل الصُّفة؟ كنتُ أحقُّ أن أُصيبَ من هذا اللبن شربةً أتقوَّى بها ... ولم يكنْ من طاعة الله ورسوله بُدٌّ؛ [أخرجه البخاري].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي الحديث من الفوائد: فضل أبي هريرة ... وتقديمه طاعةَ النبي صلى الله عليه وسلم على حظ نفسه مع شدة احتياجه.
زواج فاطمة بنت قيس من أسامة بن زيد رضي الله عنهما مع كراهتها لذلك:
عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن زوجها طلَّقها ثلاثًا، فلم يجعل لها رسول الله عليه الصلاة والسلام سُكنى ولا نَفقة، قالت: قال لي رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((إذا حلَلتِ فآذِنيني)) فآذنتْه، فخطَبها معاوية، وأبو جهم، وأسامة بن زيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما معاوية فرجل تَرِبٌ، وأما أبو جهم فرجلٌ ضرَّاب للنساء، ولكن أسامة بن زيد))، فقالت بيدها هكذا: أسامةُ أسامة، فقال لها رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((طاعة الله وطاعة رسوله خيرٌ لك))، قالتْ: فتزوَّجتُهُ، فاغتَطَبْتُ به؛ [أخرجه مسلم].
قال الإمام النووي رحمه الله: وأما إشارته صلى الله عليه وسلم بنكاح أسامة، فلمَّا علِمه من دينه وفضله، وحُسن طرائقه وكرم شمائله، فنصَحها بذلك فكرِهته لكونه مولًى، ولكونه كان أسودَ جدًّا، فكرَّر عليها النبي صلى الله عليه وسلم الحثَّ على زواجه لِما عَلِمَ من مصلحتها في ذلك، وكان كذلك، ولهذا قالت: فجعل الله لي فيه خيرًا، واغْتَطبَتْ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرواية التي بعدها: ((هذا طاعة الله وطاعة رسوله خيرٌ لك))، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: كأنها رَضِيَ الله عنها تُقلِّل من شأنه بيدها، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أحالها على شيء لا بُدَّ للمؤمنين منه، وهو طاعة الله ورسوله، فطاعة الله ورسوله كلها خير، والعاقبة لمن أطاع الله ورسوله، حتى وإن توهَّم في أول الأمر أنه لا يستفيد ... فهذا أسامة بن زيد كرِهته فاطمة بنت قيس رضي الله عنهما، وفي النهاية تقول: إنها اغتطبتْ به، وجعل الله بينهما مودة ورحمة، فإياك أن تخالفَ أمر الله ورسوله، أطِع الله ورسوله، فإن الخير في طاعة الله ورسوله، والعاقبة للمتقين، قد لا يخطر ببالك أن هذا الشيء تكون عاقبته هذه العاقبة الحميدة، ولكن إذا كان مبنيًّا على طاعة الله ورسوله، فهو الخير، وهو العاقبة الحميدة.